تُوّج
المنتخب الإسباني بطلاً على عرش كرة اليد العالمية، بفوزه الساحق
والتاريخي على نظيره الدنماركي "بطل أوروبا 2012" بنتيجة (35-19) اليوم
الأحد في المباراة النهائية لبطولة العالم التي امتدّت من 11 كانون
الثاني/يناير وحتى 27 منه.
ويعتبر هذا اللقب
المونديالي الثاني من نوعه في خزائن اليد الإسبانية بعد تتويجه بمونديال
تونس سنة 2005، وحصوله على البرونزية في مونديال السويد 2011.
بينما عجز المنتخب
الدنماركي عن فك عقدته مع الدور النهائي، بخسارته له للمرة الثالثة، وحلوله
وصيفاً للمرة الثالثة بعد مونديالي 1967 و2011 اللذين استضافتهما السويد.
وحضر موعد النهائي شخصيات
رسمية مرموقة على غرار ولي العهد الإسباني الأمير فيليب دي بوربون، وضيفة
النهائي ملكة الدنمارك ماري دونالدسون وسعادة الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل
ثاني أمين عام اللجنة الأولمبية القطرية ونائب رئيس اللجنة العليا المنظمة
لمونديال قطر 2015، وسعادة الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني رئيس اللجنة
المنظّمة والذي تسلّم علم النسخة القادمة من عرس اليد العالمي، علاوة على
رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد الدكتور حسن مصطفى وأحمد الشعبي رئيس
الاتحاد القطري للعبة والمدير التنفيذي للجنة المنظّمة لمونديال قطر 2015.
أولى مفاجآت النهائي
تحت ضغط ما يفوق 16 ألف
مشاهد غصّت بهم قاعة سانت جوردي بالعاصمة الكتالونية برشلونة، استهلّت
موقعة النهائي "الحلم" كما اعتبره الكثيرون، بمفاجأة فنية تكتيكية من
المدرب الإسباني فاليرو ريفيرا الذي أقحم خوان كانيلاس لأول مرة في الهجوم
(كان مختصّ في المهام الدفاعية فقط طيلة البطولة). هذا الأخير كان كلمة
السر الإسبانية في هذا الشوط الأول بتوقيعه 5 أهداف كاملة، دون نسيان
المفاجأة الثانية التي تمثلت في التعويل على الاحتياطي فاليرو ريفيرا
"الإبن" محترف نانت الفرنسي، في ثوب الجناح الأساسي (4 أهداف).
واستفاد "الماتادور" بشكل
واضح من "الفاعلية القصوى" لجداره صدّه البشري فيران موروس لاعب برشلونة
أحد أبرز نجوم هذا الشوط، والذي أُختير أفضل مدافع في أوروبا خلال يورو
2012 الذي استضافته صربيا.
صدمة ثقيلة
كما حمل الشوط الأول من
القمة العالمية الختامية في طياته صدمة من العيار الثقيل، تمثلت في الوجه
الشاحب الذي ظهر به المنتخب الاسكندنافي (المنتخب الوحيد الذي لم يذق طعم
الهزيمة قبل النهائي)، الذي افتقد إلى كافة أسلحته الفعالة في المباراة
الأهم في هذه البطولة، حيث لم يساير شيء أبناء المدرب أولريك ويلبيك، فلم
نشاهد أي توظيف للهجمات الخاطفة أحد أهم العوامل الاستراتيجية في تشكيلة
الدنمارك، كما أنّ الحارس نيكلاس لاندين محترف راين نيكار لوفن الألماني،
كان في أسوأ جاهزية له حيث لم يقدّم المساعدة اللازمة التي كان يقدّمها في
كل مباراة في هذه البطولة، وهو ما دفع بالمدرب إلى تعويضه بالحارس البديل
لنادي بيرنغبورغ يانيك غرين.
|
|
رداءة الدنمارك في هذا
الشوط الأول كانت في أكمل صورها، ولن نبالغ إذا أجزمنا القول إنّ زملاء
"الحاضر الغائب" ميكال هانسن قدّموا أسوأ مباراة في تاريخ مشوارهم الكروي
في عالم اليد، حيث كان الغياب جماعياً وحال النشاز مهيمنة، ولعلّ من أبرز
التبريرات التي يمكن إدراجها في هذا السياق هو أنّ "سفراء الفايكنغ" دخلوا
المباراة فائزين قبل أن يلعبوها أصلاً، وحتى ثنائي التحكيم السلوفيني نيناد
كرسيتش وبيتر ليوبيتش –الذي حكّم بالمناسبة نهائي أولمبياد لندن 2012 الذي
جمع فرنسا بكرواتيا- لم يجتهدا كثيراً في مباراة أسهل بكثير مماّ كان
يتوقّعانها.
حصيلة دنماركية فيها من
السوء الشيء الكثير، كيف لا والأرقام أشرت إلى حدود شوط فقط إلى نسبة نجاعة
هجومية لم تصل حتى إلى 50% بإضاعته 12 كرة كاملة من 22 وقع تسديدها، عكس
صاحب الأرض الذي حقّق نسبة عالية ناهزت 70% (سدّد 26 كرة، سجّل منها 18
هدفاً). علاوة على ذلك ارتكب الدنماركيون 6 أخطاء فنية كاملة ارتدّت بخمس
هجمات إسبانية خاطفة "فاست بريك" جعلت النتيجة مع الصافرة النهائية للشوط
الأول تستقر على فارق 8 أهداف كاملة (18-10).
مهزلة تاريخية
في النصف الثاني من حوار
النهائي الكبير الذي انتهى على عرض افتتاحي مذهل من صاحب الأرض، لم يكن
أكثر المتشائمين من جانب الجماهير الدنماركية يتوقّع ما حصل في هذا الشوط
الثاني، ولئن كان أغلب المتابعين مقتنعاً بصعوبة في قالب "الاستحالة" بعودة
الدنمارك إلى أجواء المباراة والمنافسة من جديد فإنّ لا أحد انتظر أن
يستسلم زملاء هانسن بتلك الشاكلة، وعوض سعيهم إلى تدارك الفارق الحاصل
"وتلطيف" النتيجة بما يتناسب مع حدث في قيمة نهائي بطولة العالم في كرة
اليد.
|
|
في هذا الشوط الثاني لم يكن
بطل أوروبا فاقداً للتركيز فقط، بل وتسلّل اليأس إلى معنوياته مع تواصل
"النّهم" الإسباني الذي لم يرحم ضعف منافسه واستمرّ في توسيع الفارق عبر
الثنائي المتميّز في هذا الشوط يولن أغيناغالدي وخورخي ماكيدا الذين وقّعا
10 أهداف مشاركة بينهما، بالإضافة إلى استبسال نجم اللقاء بلا منازع حارس
برشلونة الذي كان يلعب في قاعته ووسط جماهيره بتصدّيه لـ12 تسديدة كاملة،
وهو ما عسّر مهمة الدنماركيين في بلوغ نتيجة مشرّفة، وتكبّد وزر "تهمة"
أضعف فريق يؤدّي في تاريخ نهائيات اليد العالمية بعد انتهاء المباراة على
16 نقطة كفارق وبنتيجة (35-19)، لتنطلق أفراح لاعبي "لاروخا" الذين قدّموا
"أوركسترا خالدة" بحضور ولي العهد الإسباني الأمير فيليب الذي قام بتتويج
أبطال بلاده بعد المباراة.
في حين قلّدت ملكة الدنمارك
ماري دونالدسون لاعبي منتخب بلادها بالميدالية الفضية، رغم أنّ معظم لاعبي
الفايكنغ كانوا في حالة معنوية سيّئة نظراً لكونهم لم ينجحوا في تقديم
آداء جيّد في المباراة النهائية.
كما آل البرونز إلى السواعد الكرواتية الذين فازوا أمس السبت على سلوفينيا بنتيجة (31-26).
نارسيس ودو ناشيمينتو الأفضل في العام
في فترة ما بين الشوطين،
قام كلّ من رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد، المصري حسن مصطفى وضيفة الحدث
ملكة الدنمارك ماري دونالدسون بتتويج الثنائي، دانيال نارسيس نجم المنتخب
الفرنسي ومحترف كييل الألماني، والبرازيلية ألكساندرا دو ناشيمينتو بجائزة
أفضل لاعب ولاعبة على مدار العام 2012.
وتسلّم كل من نارسيس ودو ناشيمنتو شيكاً بقيمة 10 آلاف يورو.
سباعي العالم الأميز
تمّ اختيار منتخب العالم
عطفاً على العطاءات المقدّمة للاعبين في نسخة إسبانيا، وباستثناء المباراة
النهائية التي لم تدخل في تقييم الخبراء، فكانت التشكيلة الأساسية كالآتي:
الدنماركي نيكلاس لاندين
(أفضل حارس)، الروسي تيمور ديبيروف (أفضل جناح أيسر)، الدنماركي هانس
ليندبرغ (أفضل جناح أيمن)، المجري لازلو ناجي (أفضل ساعد أيمن)، الإسباني
ألبرتو أونتريريوس (أفضل ساعد أيسر)، الإسباني يولن أغيناغالدي (أفضل لاعب
دائرة)، الكرواتي دوماغوج دوفنياك (أفضل منسّق أو صانع ألعاب).
كما وقع الاختيار بالإجماع
على الدنماركي نيكلاس هانسن لجائزة أفضل لاعب في البطولة بعد مردوده
الممتاز طيلة فترات البطولة باستثناء آدائه الشاحب في المباراة الختامية،
علماً بأنّ هانسن محترف باريس سان جيرمان الفرنسي كان أفضل مسجّل في
مونديال السويد 2011.
هداّف البطولة
ورغم الهزيمة
المذلّة -جماعياً- فإنّ الجوائز الفردية الدنماركية شكلت نوعاً من التعويض،
فبالإضافة إلى ما ذكر سابقاً، نال الجناح الرائع لنادي فلنسبورغ الألماني
أندرس إغرت جائزة أفضل هدّاف برصيد (52 هدفاً) من 60 تسديدة ونسبة نجاح
بلغت 86% في ثماني مباريات خاضها في هذه البطولة، بينما حلّ الكرواتي إيفان
كوبيتش وصيفاً بـ50 هدفاً والروسي تيمور ديبيروف ثالثاً بـ46 هدفاً.
ورغم عدم وجود اختلاف في
شأن أحقية إغرت بلقب الهدّاف، فإنّ معدّل 52 هدفاً طرح تساؤلاً في شأن ضعف
المستوى التهديفي في البطولة ككل على المستويين الفردي والجماعي، على
اعتبار أنّ الدنماركي هانسن وقّع (68 هدفاً) في مونديال 2011، وقبله دوّن
المقدوني كيريل لازاروف (92 هدفاً) في مونديال كرواتيا 2009، وقبلهما كان
التونسي وسام حمام نجم نسخة 2005 التي استضافتها بلاده بحيازته لقب أفضل
لاعب وهدّاف برصيد (84 هدفاً).
كما شهد المعدّل التهديفي
للبطولة انخفاظاً حيث لم تسجّل في 84 مباراة كاملة إلاّ 4529 هدفاً في
المجمل أي بمعدّل 53.92 هدفاً في المباراة الواحدة.
تونس الأولى عربياً
حقّق المنتخب التونسي مرتبة
مرضيّة عموماً بحلوله في صدارة المنتخبات العربية في البطولة، وحصوله على
المركز الحادي عشر، يليه المنتخب المصري ومن ثمّ الجزائري فالسعودي
والقطري. وفيما يلي الترتيب النهائي للمنتخبات الـ24 المشاركة في مونديال
إسبانيا 2013:
1- إسبانيا (حاملة اللقب)،
2- الدنمارك (الوصيف)، 3- كرواتيا، 4- سلوفينيا، 5- ألمانيا، 6- فرنسا، 7-
روسيا، 8- المجر، 9- بولندا، 10- صربيا، 11- تونس، 12- أيسلندا، 13-
البرازيل، 14- مقدونيا، 15- بيلاروسيا، 16- مصر، 17- الجزائر، 18-
الأرجنتين، 19- السعودية، 20- قطر، 21- كوريا الجنوبية، 22- مونتينيغرو،
23- تشيلي، 24- أستراليا.
إلى قطر 2015
وفي حفل الختام، أعلن رئيس
الاتحاد الدولي للعبة الدكتور حسن مصطفى رسمياً عن اختتام النسخة الثالثة
والعشرين لبطولة العالم بعد أن شكر كل الذين أسهموا في إنجاحها، وطلب من
رئيس الاتحاد الإسباني لكرة اليد خوان دي ديوس رومان سيكو تسليمه علم
البطولة، قبل أن يسلّمه بدوره لسعادة الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني رئيس
اللجنة المنظّمة لمونديال قطر 2015.
وأعرب الدكتور مصطفى عن ثقته الكاملة في دولة قطر، في تنظيم مونديال بمقاييس عالمية فاخرة وشكر الشيخ جوعان والوفد المرافق له.