اقتضاء *
التّعريف :
1 - الاقتضاء : مصدر اقتضى ، يقال : اقتضيت منه حقّي ، وتقاضيته : إذا طلبته وقبضته وأخذته منه ، وأصله من قضاء الدّين .
والاقتضاءفي استعمال الفقهاء بمعناه اللّغويّ . ويستعمله الأصوليّون بمعنى الدّلالة. يقولون : الأمر يقتضي الوجوب أي يدلّ عليه ، ويستعملونه أيضاً بمعنىالطّلب .
الألفاظ ذات الصّلة :
أ - القضاء :
2- القضاء : إعطاء الحقّ والفراغ منه ، ومنه أداء ما على الإنسان من حقوقٍللّه تعالى ، سواء كان أداؤها في الوقت المحدّد لها ، ومنه قول اللّه عزّوجلّ : { فإذا قضيتم مناسككم } أي أدّيتموها وفرغتم منها ، أو كان أداؤهابعد خروج وقتها كقضاء الفائتة .
وبعضالأصوليّين يقول : إنّ لفظ القضاء عامّ يجوز إطلاقه على تسليم عين الواجب( وهو الأداء ) ، أو تسليم مثله ( وهو القضاء ) ، لأنّ معنى القضاء :الإسقاط والإتمام والإحكام ، وهذه المعاني موجودة في تسليم عين الواجب ،كما هي موجودة في تسليم مثله ، فيجوز إطلاق القضاء على الأداء بطريقالحقيقة لعموم معناه ، إلاّ أنّه لمّا اختصّ بتسليم المثل عرفاً أو شرعاًكان في غيره مجازاً ، وكان إطلاقه على الأداء حقيقةً لغويّةً ، مجازاًعرفيّاً أو شرعيّاً . ويشمل أيضاً أداء ما على الإنسان من حقوقٍ لغيرهكقولهم : لو عرف الوصيّ ديناً على الميّت فقضاه لا يأثم . .
ب - الاستيفاء :
3- الاستيفاء : طلب الوفاء ، يقال : استوفيت من فلانٍ ما لي عليه أي :أخذته حتّى لم يبق عليه شيء ، واستوفيت المال : إذا أخذته كلّه . وهو بذلكنوع من أنواع الاقتضاء . دلالة الاقتضاء :
4 - دلالة الاقتضاء هي تقدير محذوفٍ يتوقّف عليه صحّة الكلام أو صدقه .
والكلامالّذي لا يصحّ إلاّ بالزّيادة هو المقتضى ، والمزيد هو المقتضي ، وطلبالزّيادة هو الاقتضاء ، والحكم الّذي ثبت به هو حكم المقتضي ، ومثاله مايتوقّف عليه لصحّة قول القائل : أعتق عبدك عنّي بألفٍ ، فنفس هذا الكلامهو المقتضي ، لعدم صحّته في نفسه شرعاً ، لأنّ العتق فرع الملكيّة ،فكأنّه قال : بعني عبدك بكذا أو وكّلتك في إعتاقه ، وطلب الزّيادة الّتييصحّ بها الكلام هي الاقتضاء ، وهذه الزّيادة ( وهي البيع ) هي المقتضى ،وما ثبت بالبيع ( وهو الملك ) هو حكم المقتضي ، ومثاله ما يتوقّف عليه صدقالمتكلّم ، كقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم « رفع عن أمّتي الخطأوالنّسيان وما استكرهوا عليه » فإنّ رفع الخطأ وغيره مع تحقّقه ممتنع فلابدّ من إضمار نفي حكمٍ يمكن نفيه ، كنفي المؤاخذة والعقاب .
ومنه ما أضمر لصحّة الكلام عقلاً ، كقوله تعالى : { واسأل القرية } ، فإنّه لا بدّ من إضمار ( أهل ) لصحّة الملفوظ به عقلاً .
الاقتضاء بمعنى الطّلب :
5- الحكم التّكليفيّ هو : خطاب اللّه تعالى المتعلّق بأفعال المكلّفينبالاقتضاء أو التّخيير . والاقتضاء - وهو الطّلب - إمّا أن يكون طلب الفعلأو طلب تركه . وطلب الفعل ، إن كان على سبيل الجزم فهو الإيجاب ، وإن كانغير جازمٍ فهو النّدب . وأمّا طلب التّرك ، فإن كان جازماً فهو التّحريم ،وإن كان غير جازمٍ فهو الكراهة .
أمّا التّخيير فهو قسيم الاقتضاء ، إذ هو ما كان فعله وتركه على السّواء .
اقتضاء الحقّ :
6- الشّائع في استعمال الفقهاء هو التّعبير بلفظ ( الاستيفاء ) مقصوداً بهأخذ الحقّ ، سواء أكان حقّاً ماليّاً كاستيفاء الأجير أجرته ، أم كانحقّاً غير ماليٍّ كاستيفاء المنافع والقصاص وغير ذلك .
ويأتيالاقتضاء بمعنى طلب قضاء الحقّ ، ومنه الحديث : « رحم اللّه رجلاً سمحاًإذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى » قال ابن حجرٍ في شرحه : أي طلب قضاءحقّه بسهولةٍ وعدم إلحافٍ . ( ر : اتّباع . استيفاء )